المبحث الأول : سرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى تربة :
بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين راكبا إلى بني نضر بن معاوية
بن بكر بن هوازن وبني جشم بن بكر بن هوازن الذين كانوا بتربة ، وهو موضع
قريب من مكة ، وعندما علموا بمسير المسلمين إليهم هربوا ، فعاد عمر
وأصحابه وبنو نضر وبنو جشم هم عجز هوازن. وكان ذلك في شعبان سنة سبع من
الهجرة .
المبحث الثاني : سرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى نجد :
بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بني فزازة في أرض نجد ، فشن عليهم
الغارة ، فقتل منهم من قتل ، وكان معه في السرية سلمة بن الأكوع ، حيث تمكن
من أسر مجموعة من الذراري ، فنفله أبو بكر منهم جارية جميلة ، طلبها منه
الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفدى بها أسرى من المسلمين بمكة . وكانت هذه
السرية في شعبان سنة سبع من الهجرة.
المبحث الثالث : سرية بشير بن سعد إلى ناحية فدك :
أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلاثين رجلا إلى بني مرة بفدك ، فتمكن
من استياق نعمهم بينما كانوا في بواديهم. وعندما علموا بالخبر أدركوه ،
وأصابوا أصحابه ، وولى منهم من ولى ، وقاتل بشير ببسالة حتى سقط ، وظنوه قد
مات. ورجعوا بأنعامهم. وفي المساء تمكن بشير من اللجوء إلى فدك ، وأقام
عند يهودي أياما حتى ضمدت جراحه ، فرجع إلى المدينة. ونقل خبر مصابهم إلى
المدينة علبة بن زيد الحارثي. وكان ذلك في شعبان سنة سبع من الهجرة.
المبحث الرابع : سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة :
الراجح أن هذه السرية هي التي عناها البخاري ومسلم وابن إسحاق في روايتهم
من حديث أسامة بن زيد. قال أسامة : (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى الحرقة من جهينة ، فصبحنا القوم فهزمناهم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار
رجلا منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف عنه الأنصاري فطعنته
برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ؟ قلت : يا رسول الله ، إنما كان
متعوذا ، قال : أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ فما زال يكررها حتى
تمنيت أني لم أكن أسلمت من قبل ذلك اليوم).
وعند ابن إسحاق أن
اسم الرجل المقتول (مرداس بن نهيك ، من الحرقة ، من جهينة ، وحليف لبني
مرة. وعند الواقدي أن اسمه نهيك بن مرداس ، ولكن السرية عنده هي سرية غالب
بن عبد الله إلى مصاب بشير وأصحابه ، وعند ابن أبي عاصم أن اسمه مرداس
الفدكي ، وأنه مات في المعركة. والراجح أن اسمه مرداس بن نهيك كما هو عند
إسحاق ، وأن الذي قتله هو أسامة بن زيد.
أما الواقدي وابن سعد فقد
ذكر أن سرية غالب بن عبد الله التي وقعت فيها قصة أسامة مع الرجل الذي
قال لا إله إلا الله فقتله على الرغم من ذلك ، كانت إلى الميفعة ، وأن
عدتها مائة وثلاثون راكبا بعثهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بني عبد بن
ثعلبة وبني عوال ، وفيهم يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي
قادهم إلى مكان العدو ، حيث أوقعوا به واستاقوا نعمه وشاءه ، وقتلوا من
أشرف إليهم ، وذلك في رمضان سنة سبع من الهجرة.
وذكر ابن سعد أن
الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأسامة عندما بلغه خبر قتله الرجل الذي نطق
الشهادتين : (ألا شققت قبله فتعلم صادق هو أم كاذب ؟ فقال أسامة : لا
أقاتل أحداً يشهد أن لا إله الله). إن في هذا اللوم تعليما وبلاغا في
الموعظة حتى لا يقدم أحد على قتل من تلفظ بالتوحيد ، وإنما كلف الإنسان
بالعمل الظاهر وما ينطق به اللسان ، وأما القلب فليس للإنسان طريق إلى ما
فيه. وفيه دليل على ترتيب الأحكام على الأسباب الظاهرة دون الباطنة.
المبحث الخامس : سرية بشير بن سعد إلى الجناب :
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من غطفان بالجناب قد واعدهم
عيينة بن حصن ليكون معهم ليزحفوا على المدينة ، فدعا رسول الله صلى الله
عليه وسلم بشير بن سعد فعقد له لواء وبعث معه ثلاثمائة رجل ، حتى أتوا إلى
يمن وجبار وهم نحو الجناب ، والجناب يعارض سلاح وخيبر ووادي القرى ،
فنزلوا بسلاح ، ثم دنوا على القوم ، فأصابوا لهم نعما كثيرا ، وتفرق
الرعاء وحذروا القوم ، فتفرقوا ولحقوا بعلياء بلادهم. ولذا لم يجد بشير
عندما حل بديارهم ومحالهم إلا رجلين ، فأسرهما وقدم بهما على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأسلما ، فأرسلهما. وكان ذلك في شوال سنة سبع من
الهجرة. وفي رواية أنهم عندما أتوا أسفل خيبر أغاروا على المشركين وقتلوا
عينا لعيينة ، ثم لقوا جمع عيينة فناوشوهم ، ثم انكشف جمع عيينة ، وأسر
منهم رجلان.
وكانت هذه السرية سببا في أن يفكر عيينة في أمر
الإسلام لحوار دار بينه وبين حليفه الحارث بن عوف المري وفروة بن هبيرة
القشيري. وكانت خلاصة الحوار أن أخذوا يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى ، ثم أصبح
من المؤلفة قلوبهم كما استفاضت الأخبار في ذلك. فقد ثبت أنه حضر حنينا مع
الرسول صلى الله عليه وسلم كما في رواية ابن إسحاق.
المرجع :السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ، للدكتور مهدي رزق الله ، صفحة 527