أي
اننا أمام إله كوني في السماء خاص باخناتون، وإله آخر علي الأرض
(اخناتون) من يعبده فقد ضمن رضي آتون عنه. ثم يأتي العنصر النسائي في
الثالوث زوجته نفرتيتي وبناته منها. وكان غير مسموح للشعب التواصل مع
الإله والصلاة اليه مباشرة بل الصلاة للعائلة المقدسة بشكل عام واخناتون
بشكل خاص، وهذا يفسر ولع اخناتون بتصوير وعرض تفاصيل حياة أسرته الخاصة
كموضوع ديني، ونشرها كأيقونات في المعابد والمنازل. إلي جانب هذه الرسومات
مدنا عصر العمارنة بعرض لم يتكرر في تاريخ مصر يصور الإله والملك والرعية
في لوحة واحدة: في قمة المثلث الإلهي نجد آتون الذي يمد اذرعه علي قاعدة
المثلث (اخناتون ونفرتيتي والبنات) وفي الأسفل توجد الرعية تتعبد للعائلة
المقدسة. فقط سمح بكتابة مزاميره لآتون علي جدران المقابر ولتأكيد مكانته
الإلهية جعل الولاء له شرط الخلود في عالم آتون، وفي تقليد جديد وضع اسم
الإله في خرطوش بجانب اسمه واسم نفرتيتي تأكيدا علي تقارب المكانة.وهناك
اشارة هامة حول مكانة نفرتيتي الملكية والإلهية في تل العمارنة: صورتها
إحدي الجداريات في وضع الملك التقليدي وهو يمسك برؤوس اعدائه، وصورت مرة
أخري جالسة علي العرش بوصفها الملكة موحدة القطرين. احتلت نفرتيتي مكانة
الإلهات الحاميات للمتوفي (إزيس ونفتيس وسرقت ونايت) ففي مقبرة اخناتون
صورت وهي في وضع الربات الحاميات حول جثة زوجها
الطريف
في الموضوع إننا الآن (ربما) نعرف ما لم يعلمه اخناتون في حياته وهو إن
الكثير من رعاياه 'خدوه علي قد عقله' ومارسوا طقوسه وقدسوه بوصفه مليكهم
وابن الإله لكنهم سرا مارسوا طقوسهم القديمة وعبدوا الآلهة التي يعرفونها
جيدا 'إزيس وأوزير وتحوت وبتاح حتي أمون العدو اللدود لاخناتون'،فقد وجد
في أطلال العمارنة عدد كبير من تماثيل هذه الآلهة مخبأة في المنازل أو
مرسومة علي الجدران
ما بعد العمارنة
وبعد
اختفاء اخناتون عام 1338 ق. م تولي مقاليد الحكم في البلاد زوج ابنته
'سمنخ كارع' عادت مرة أخري عبادة أمون علي المستوي الرسمي وعادت الترانيم
الأمونية تسجل علي جدران المعابد والمقابر لكنها هذه المرة تحمل في طياتها
آثار التجربة الاخناتونية
وأمامنا
مثال من مقبرة 'با واح' كاتب قرابين أمون في المعبد الجنائزي لسمنخ كا
رع، مقبرة رقم 139 في غرب طيبة:'إنك تشبع ولا تأكل،وتروي الظمأ
ولاتشرب.أمون، يا حامي الفقراءأنت أب لليتيم وزوج الأرملةكم هو جميل النطق
باسمكله طعم الحياة وطعم الخبز في (فم) طفل، هو كرداء للعريانورحيق
الورود في زمن الدفءعد لنا مرة أخري ياسيد الأبديةسقطت آخيت آتون و
'العدو' الذي بها كما نعتته النصوص بعد ذلك لكن بقيت مزامير اخناتون جزء
من التراث الثقافي المصري، وتتسرب أصداؤه إلي فلسطين وعند كتابة العهد
القديم ينسخ منها عدة فقرات وتضم لمزامير داود وبشكل خاص المزمور رقم104