"السردين" و"السُكُمبلا" موسم سمك حاضر غائب في غزة
كان يجب أن يصطاد صيادو غزة في شباط الماضي سمك "الواط واط"، يملأون به
أسواق القطاع ليتذوق الغزيون طعما يكادون ينسونه بعد أعوام من الحصار
البحري على بحرهم ومياههم وشواطئهم وإطلاق نار على صياديهم.
ولأن
الصيادين بغزة تحت تهديد إطلاق النار بشكل مستمر على عمق ميلين ونصف بحريين
فإن قرابة ما نسبته 80% منهم عزفوا عن هذه المهنة وعن خوض غمار البحر
وركنوا المنزل، بعضهم اشترى "توك توك" لنقل البضائع البسيطة بغزة وبعضهم لم
يجد ما يعينه على لقمة العيش فانضم إلى صفوف العاطلين عن العمل.
نزار
عياش رئيس نقابة الصيادين في قطاع غزة أكد أن عدد الصيادين المسجلين لدى
النقابة هو 3550 صياداً، إلا أن 80% منهم عزفوا وولا يتجهون للبحر ولم
يحركوا مراكبهم منذ سنوات والسبب الاحتلال وحصاره لبحر غزة وإطلاقه النار
بشكل مستمر على الصيادين ومنعهم من تجاوز مسافة الثلاثة أميال بحري التي
سمح بها سابقاً بل وتعديه ذلك بمحاصرة الصيادين على عمق ميلين ونصف الميل
وأحياناً أقل من ذلك ومنع الصيادين الغزيين من تجاوز مسافة الميل و800
كيلومتر عن شواطئ غزة.
ولأن السمك يتجمع على أبعاد وأعماق تفوق
الأميال الثلاثة فإن غزة محرومة من مواسم وأصناف سمك كانت تتمتع بها سابقا،
وفقاً لاتفاقية أوسلو التي حددت 20 ميلا بحريا كمياه تابعة للسلطة ثم
قلصها الاحتلال لـ 12 ميل بحري، وعاد ليقلصها لستة أميال وبعد ست سنوات من
الحصار لا يتمتع الغزيون بأكثر من ثلاثة أميال بحري وعادة يعتقل الصياد في
هذه المسافة أو يطارد أو تحتجز مراكبه أو يتم إطلاق النار عليه وإغراق
مركباته.
وحسب عياش فإن مواسم الصيد تذهب دون فائدة في ظل الحصار
البحري مثل موسم الواط واط الذي يبدأ من شباط /فبراير وينتهي في وسط
نيسان/ ابريل، وهو نوع من السمك مدور وتزن السمكة الواحدة أحياناً نصف طن
حيث تتراوح أوزانها بين- 500 كيلوغرام ولم تشهد غزة سمكة منها منذ سنوات
ويتجمع على بعد 10-20 ميل بحري، وموسم الغزلان والبلاميدا والتونا التي
تنشط من نيسان حتى حزيران/ يونيو وتحتاج من الصيادين للوصول إلى اعماق
كثيرة.
ويقتصر موسم الصيد حالياً على ما تجود به المسافات القريبة
من الشاطئ من أسماك السردين الصغيرة وخاصة " بذرة السردين" والسكمبلا التي
يتم اصطيادها على مسافات الثلاثة أميال حيث يباع الكيلو الواحد منها بستة
شواقل.
ويمكن وصف الموسم الحالي والعام الحالي للصيد بغزة بأنه
"مضروب" على حد قول عياش الذي أكد ان الصيادين بغزة باتوا تحت تهديدين وهما
الاحتلال والوقود الذي تحتاجه مراكب الصيد والذي عطل الكثير منها بسبب شحه
وغلاء أسعاره.
وشدد على أنه كان بإمكان الصيادين الصيد في المناطق
القريبة من الحدود الفلسطينية المصرية ولكن شح الوقود اوقف ذلك نظراً لحاجة
اللانشات لكميات كبيرة من السولار لتلك المسافات البعيدة وحاجة المراكب
الصغيرة لكميات كبيرة من البنزين.
مركز الميزان لحقوق الإنسان أعرب
بدوره عن قلقه من تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين الفلسطينيين
في عرض البحر قبالة شاطئ قطاع غزة، وممارسة قوات الاحتلال أساليب جديدة
تلحق مزيد من الأضرار المادية بالصيادين وقوارب الصيد، ومنها استهداف تلك
القوات لمحركات القوارب بإطلاق النار مباشرةً عليها دونما سبب يمكن تبريره
واستهداف قواربهم ومحركاتها في مسافة أقل كثيراً من الأميال الثلاثة
المعلنة، بالإضافة لاستمرار فرض إسرائيل حصار بحري على القطاع، ويشمل فرض
حظر على ممارسة الصيد فيما وراء ثلاثة أميال بحرية.
الميزان أكد أن
تحقيقاته بينت مواصلة الاحتلال للمارساته بحق الصيادين خلال شهر نيسان
أبريل الجاري، حيث واصلت تلك القوات إطلاق النار من أسلحتها الرشاشة تجاه
الصيادين، ما أدى إلى إتلاف ثلاثة محركات. كما اعتقلت قوات الاحتلال (4)
صيادين، من بينهم طفل، وأفرجت عنهم جميعاً بعد ساعات من احتجازهم. كما فتحت
تلك القوات النار لتمنعهم من مواصلة الصيد (
مرات منذ بداية نيسان
الجاري.
وتأتي خطوة الاحتلال بنشر إشارات ضوئية لتحديد مناطق حظر
الصيد، إضافة جديدة لمحاولات منع الصيادين من الصيد في مناطق تفوق او تقل
قليلاً عن مسافة الأميال الثلاثة.
المركز الحقوقي طالب مجدداً
المجتمع الدولي بالتحرك العاجل وفاءً بالتزاماته القانونية والأخلاقية
وفقاً للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي ولاسيما اتفاقية جنيف الرابعة
بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والتي تقضي بضمان احترام قواعد
القانون الدولي الإنساني في كل الأوقات واتخاذ التدابير الكفيلة بوقف
الانتهاكات الجسيمة وملاحقة مرتكبيها ومن أمروا بارتكابها، والشروع الفوري
في وقف الحصار غير القانوني المقروض على قطاع غزة وضمان حرية عمل الصيادين
الفلسطينيين.
عياش بدوره قال أن اعتقال الاحتلال للصيادين وإعادتهم
بنفس الساعة او بنفس اليوم واحتجاز مراكبهم بميناء أسدود يعني أنه لا خطورة
أمنية يمثلها الصياد الفلسطيني وأن الهدف هو تقويض دورهم في بناء أمن
اقتصادي في قطاع غزة.