قال أبو هلال العسكري :
أخبرنا أبو أحمد ، عن عبد الله بن العباس ، عن الفضل ، عن إبراهيم ، عن الواقدي قال : قال عبد الله بن جحش :
دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى العشاء ، فقال : (واف مع الصبح
أبعثك وجهاً) فوافيت ومعي سيفي وقوسي ، فصلى النبي بالناس الصبح ، فانصرف
فوجدني سبقته واقفاً عند بابه واجداً نفراً معي من قريش ، فدعا أبي بن كعب
فكتب كتاباً وأعطانيه وقال : (استعملتك على هؤلاء النفر ، فامض حتى إذا سرت
ليلتين فانشر كتابي ، ثم امض لما فيه واسلك النجدية) .
قال : فانطلق حتى إذا كان ببئر أبي ضمرة قرأ الكاتب ، فإذا فيه (سر حتى
تأتي بطن نخلة على اسم الله وبركته ، ولا تكرهن أحداً من أصحابك، فترصد بها
عيراً لقريش) فقدموها فصادفوا العير ففزع أصحابها ، فحلق بعض الصحابة رأسه
ليقولوا إنما هم عمار ، فأمنوا ثم قاتلوهم في آخر يوم من رجب ، وقالوا :
إن أخرنا دخلوا الحرم .
فأنكر المشركون ذلك وقالوا : أحل محمد من الشهر الحرام ما كان يحرم ، وورد
عبد الله بن جحش بالخمس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقسم الباقي
بين أصحابه ، فكان أول خمس خمّسه ، فلما أكثر المشركون واليهود الإنكار لما
كان منهم من القتل والسبي في رجب أنزل الله تعالى في عذرهم : { يسألونك عن
الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد
الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل } يعني الكفر
، ففرح المسلمون وسكنوا .
وقد قتل يومئذ عمرو بن الحضرمي ، وهو أول قتيل قتل منهم ، وأسر عثمان بن
عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان ، فكانا أول أسيرين أسرا في الإسلام ،
وأسلم الحكم بن كيسان ، ورجع عثمان بن عبد الله كافراً بعد أن فودي ،
وكانت غنيمة أهل نخلة أول غنيمة غنمها المسلمون.
الأوائل ، لأبي هلال العسكري ، ص87