Admin Admin
عدد المساهمات : 367 نقاط : 14958 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 09/04/2012 العمر : 31 الموقع : فلسطين
| موضوع: أميرات و ملكات من القرآن الكريم الأحد 15 أبريل - 4:41:07 | |
| أول ملكة في الإسلام إشراف الأستاذ : خــالد خميس فراج إعداد الطالبة : عائشة حمزة جمعة نسبها:شجرة الدر ، جارية من جواري الملك الصالح ، اشتراها الملك نجم الدين. اختلف المؤرخون في تحديد جنسيتها ، فمنهم من قال إنها تركية ومنهم قال إنها جركسية ،أو رومانية. ولكن لم تكن شجرة الدر كباقي الجاريات ، بل تميزت بالذكاء الحاد ، والفطنة ، والجمال كما أنها نالت الإعجاب بفتنتها وفنها ، إذ كانت متعلمة ، تجيد القراءة ، والخط ، والغناء.1زواجها:أعجب بها الملك نجم الدين واشتراها ، ولقبها بشجرة الدر. أنفرد بها ، وحظيت عنده بمنزلة رفيعة ، بحيث أصبح لها الحق في أن تكون المالكة الوحيدة لقلبه وعقله ، وصاحبة الرأي ثم أصبحت الشريكة الشرعية ، وأم ولده.2 أرسل الأمير نجم الدين بأمرٍ من والده ، إلى حصن كيفا، لولاية وحكم هذا الحصن(وهو حصن من حصون المشارق يقع على حدود تركستان). ثم وردت إليه أنباء من القاهرة ، تقول بان أباه الملك الكامل قد عين أخاه الصغير أبا بكر(الملك العادل) ولياً للعهد بدلاً منه، وكانت أمه اقرب إلى قلب الملك من أم الأمير نجم الدين. غضب الأمير نجم الدين من تصرف الملك ؛ لأن أخاه كان طائشاً ، ولأن الدولة كانت في خطر من كل الجوانب ، ويتربص بها الأعداء من الصليبين والمغول. أقسم الأمير نجم الدين أن الخلافة لن تكون لغيره بعد أبيه. وبدأ بالمقاومة ، لأنه أرشد من أخيه ، وأحق منه في الخلافة.3وفي هذه الأثناء كانت شجرة الدر نعم الزوجة ، حيث قامت بتشجيع وتأييد زوجها ، فساعدته في الوصول إلى حقه المغتصب. وفي هذه الفترة أنجبت له ولداً أسماه خليل. توجه الأمير نجم الدين إلى القاهرة ، ومعه زوجته شجرة الدر ، وأبنهما ، وبطانته المؤلفة من عشرات الجنود فقط ، وبعض المماليك ، وعلى رأسهم ( بيبرس ، وأيبك ، وقلاوون ، وآق طاي). وبينما هم في طريقهم انقض عليهم جيش الملك الناصر داوود ، وهم ابن عم نجم الدين والي إمارة الكرك والشوبك ، وما يليهما من أرض الأردن. وأسرهم في قلعة الكرك عام (63)هـــ ، ثم أرسل إلى الملك العادل يخبره بما حدث ويطلب منه ثمن جلوسه على عرش الشام. استمر سجنهم سبعة أشهر ، كان الملك الناصر خلالها يساوم الملك العادل في القاهرة على الأمير نجم الدين ، أما زوجته شجرة الدر فقد وفرت له كل أسباب الراحة ، وبثت التفاؤل في نفسه ، خلال مدة الأسر. محاربة الصليبيين وولاية الملك: قامت بوضع خطة مع زوجها ، وذلك باتفاق زوجها مع خصمهِ الملك الناصر ، على أن يطلق سراح نجم الدين ليستولي على عرش مصر ومن ثم ، يقدم له عرش الشام ونصف الخراج. ثم سار الملك الصالح زوجها إلى القاهرة وهزم أخاه العادل نجم الدين ، وأسره في قلعة صلاح الدين. وهكذا بلغت شجرة الدر مرادها ، حيث قاسمت زوجها المجد والسلطة.4كانتشجرة الدر قادرة على تسيير الجيوش للحرب ، وذلك عندما تعرضت مصر لحملة الصليبين. يقال أن الملك لويس التاسع شن الحملة ، ليوفي بنذره ، حيث نذر بأنه إذا شفي من مرضه ، فسوف يشن حملة على مصر. فجهز جيشاً وأبحر من مرسيليا عام 1249. وفي هذه الأثناء كان الملك الصالح مريضاً ، إلا إنه استعد للأمر، واتخذ من المنصورة مركزاً للقيادة العامة ، وولاها للأمير فخر الدين نزولاً عند رغبة شجرة الدر ، التي أثبتت على أنها قادرة على مواجهة الصعاب ، وأقسمت لزوجها على أن الصليبين سيقتلون في حملتهم. وبعد وصول الغزاة إلى مصر عام 1249. ظهرت حكمة وذكاء شجرة الدر، حيث أخفت نبأ وفاة الملك ، لعدة أسباب أهمها الخوف من حدوث البلبلة في الدولة ، وبخاصة صفوف الجيش ، وحتى تتغلب على العدو ، وكذلك حتى لا ينصرف اهتمام أمراء بني أيوب والمماليك إلى تولي العرش ، وساعدها على ذلك الأمير فخر الدين.5 واستمر الحال في القصر الملكي ، كالسابق. ولكن عندما لاحظت شجرة الدر ،أن خبر وفاة زوجها أوشك أن ينكشف وأن العدو أيضاً على وشك الانهزام. قامت باستدعاء ، ابن زوجها تورانشاه وأمرت رجال الدولة والجيش أن يحلفوا له يمين الولاء ، وأن يدعى لها على المنابر في المساجد؛ وذلك لتبقى السلطة في يدها ، وتعرف أمور الدولة كما تشاء. وذلك إن دل فيدل على ذكائها ودهائها.6وقبل وصول تورانشاه ، قامت شجرة الدر بوضع خطة حربية مع القوات ، وأمراء المماليك وظلت تشرف على تنفيذها ، ومراقبة سير المعركة في المنصورة عن قرب. وبلغ من حماسها أنها كانت تعاون الأهالي مع الجنود ، في صد هجمات الأعداء والرد عليهم. حتى انتصر المسلمون عام 1250. لم يدم حكم تورانشاه أكثر من شهرين ، وذلك لفساده وطغيانهوقام بأبعاد رجال الدولة الأكفاء ، وأخذ يهدد زوجة أبيه شجرة الدر ، ويطلب ما تبقى من ثروة أبيه ولم يكتف بذلك بل قامباستفزاز مماليك البحرية ، حتى لقي مصرعه على يد بيبرس. وافق الكل في مصر على تولي شجرة الدر العرش ، بعد مصرع تورانشاه.7كان عهد شجرة الدر زاهياً وزاهراً ، أظهرت خلاله قدرتها وجدارتها في الحكم. وتنعم الفقراء بحسناتها ، إذ كانت ملكة عاقلة لبيبة ، على علم تام بنفسية الشعب ومتطلباتهم. لم تكن حكومتها استبدادية ، لا تشرع في عمل من الأعمال حتى تعقد مجلس المشاورة ، ولا تصدر قراراً إلا بعد أخذ رأي وزرائها ومستشاريها. وقامت بنشر راية السلام أيضاً ، فأمن الناس خلال فترة حكمها. في عصرها نبغ العديد من الأدباء والشعراء المصريين مثل ، بهاء الدين زهير ، وجمال الدين بن مطروح ،وفخر الدين بن الشيخ. وفي عهدها أيضاً قامت بعمل جيد ، وهو تسيير المحمل كل عام من مصر إلى الحجاز في موسم الحج ، ولم تزل عادة تسيير المحمل المصري متبعة إلى اليوم ، فهو يذهب كل عام إلى بيت الله الحرام حاملاً كسوة الكعبة ، والمؤن والأموال لأهل البيت ، مصحوباً بفرقة كبيرة من الجيش لحماية الحجاج. عرفت شجرة الدر بعدة ألقاب خلال حكمها مثل الملكة عصمة الدين ، والملكة أم خليل ، وأخيراً الملكة شجرة الدر أم خليل المستعصمية، نسبة إلى الخليفة المستعصم ، وذلك خوفاً منأن لا يعترف بها الخليفة العباسي ، الذي كان يجلس على عرش العباسيين في بغداد آنذاك. ودعي لها على المنابر ، كدعاء الخطباء كل جمعة في المساجد. كما أصبحت الأحكام تصدر باسمها ، ونقش أسمها على الدراهم والدنانير. ولم يرق للعباسيين أن تتولى امرأة عرش مصر. مما أدىإلى نشوب الكثير من الخلافات بين الأمراء والزعماء في مصر والشام ولذلك اتخذت من الأمير عز الدين أيبك مقدماً للعساكر ، ثم تزوجته ، وبفعلتها هذه أمنت كلام الناس واعتراض العباسيين لها. وقبل أن يعقد عليها اشترطت على أن يطلق زوجته ويتخلى عن ولده المنصور علي ، حتى لا ينتقل العرش إلى أبنه، وأطلق عليه اسم الملك المعز.8نهايتهاووفاتها: مرت الأيام إلى أن أصبح زمام الأمور داخل مصر وخارجها ، في يد زوجها الملك المعز. وبلغها أن زوجها يريد خطبة ابنة الملك بدر الدين لؤلؤ ، صاحب الموصل. فساءت العلاقات بين شجرة الدر وبين الرجل الذيوثقت به ، وجعلته ملكاً. وكادت تفقد عقلها من شدة الحقد والغيرة. وعلمت أيضاً انه ينوي ، إنزالها من قصر القلعة إلى دار الوزارة في القاهرة ، وذلك ليتفادى الجدل والخصام معها ، وحتى يتم تهيئة القلعة ، لاستقبال العروس الضرة. غضبت شجرة الدر غضباً شديداً ، لما فيهمن جرح لمشاعرها وكبريائها. وخاصة بعد تأكدها من عزيمته في التخلص منها. فكان لابد من التخلص منه. فدعته ذات يوم واستقبلته بصدرٍ رحب وبشاشة ، وكأن شيئاً لم يحدث بينهما ، حتى شعر بالطمأنينة ودخل الحمام ، وأنقض عليه خمسة من غلمانها الأقوياء ، وضربوه إلى أن مات. ثم أذيع بأن الملك المعز توفي فجأة ، ولكن لم يصدق الناس هذا النبأ. حاولت شجرة الدر أن يجلس أحد الأمراء المماليك على العرش لكي تحتمي بهِ ، إلا أن محاولاتها بائت بالفشل ، والتجأت إلى البرج الأحمر في القلعة عام 1257. ولكنها لم تنجُ بفعلتها ، حيث تم القبض عليها من قبل الأمراء المناصرين لزوجها القتيل ، وفرض عليها السجن المنفرد ، ولاقت فيه ألواناً مختلفة من العذاب والهوان. ومن ثم تدخلت ضرتها أم علي وهي زوجة الملك المعز الأولى، وحرضت ابنها علي على قتلها انتقاماً لأبيه. وهناك مراجع أخرى تقول بأنه ، تم قتلها على يد الجواري اللاتي واصلن ضربها بالقباقيب إلى أن فارقت الحياة.9وهكذا عاشت شجرة الدر ، مكرمه وجليلة ، ذات نفوذٍ وقوة ، ولكنها ماتت ميتةٍ ذليلة ومهينه. إن سيرة شجرة الدر ، مازالت تروى ، وهناك العديد من النساء من تتمنى أن تقوم بشخصية شجرة الدر ، وذلك لقوة نفوذها ، وذكائها ودهائها ، وقدرتها العجيبة في الحكم. وقد خلد التاريخ ذكراها ، وذكر الخدمات التي قدمتها للمسلمين ومصر. إلا أن غيرتها على كبريائها وكرامتها ، كانت السبب الذي دفعها لارتكاب تلك الجريمة ، التي أسقطتها من قمة الشهرة وقضت عليها. آسية امرأة فرعون رضي الله عنها
إشراف الأستاذ: خالد فراج
نسبها: هي آسية بنت مزاحم بن عبيد الديان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف- عليه الصلاة السلام- وقيل إنها كانت من بني إسرائيل من سبط موسى- عليه الصلاة السلام- وقيل بل كانت عمته ] . حياتها: كانت تعيش في أعظم القصور وأفخمها إذ كان قصرها مليئاً بالجواري والعبيد والخدم أي أنها كانت تعيش حياة مترفة منعمة، فقد كانت آسية زوجة للفرعون الذي طغى واستكبر في زمانه وادعى الألوهية وأمر عبيده بأن يعبدوه ويقدسوه هو لا أحد سواه، وأن ينادوه بفرعون الإله -معاذ الله- . وما أن يذكر اسم آسية امرأة فرعون حتى يتراود لنا قصة سيدنا موسى- عليه السلام- وموقفها عندما رأته في التابوت، فقد كان لوجهه المنير الذي تشع منه البراءة أثر كبير في نفسها، فهي من أقنع الفرعون بالاحتفاظ به، وتربيته كابن لهما ، في البداية لم يقتنع بكلامها ولكن إصرار آسيه جعله يوافقها الرأي وعاش نبينا موسى -عليه السلام- معهما وأحبته حب الأم لولدها. وعندما دعا موسى- عليه السلام- إلى توحيد الله تعالى آمنت به وصدقته، ولكنها في البداية أخفت ذلك خشية فرعون و ما لبثت حتى أشهرت إسلامها واتباعها لدين موسى- عليه السلام-، وجن جنون الفرعون لسماعه هذا الأمر المروع بالنسبة له، وحاول عبثاً ردها عن إسلامها وأن تعود كما كانت في السابق ، فتارة يحاول إقناعها بعدم مصداقية ما يدعو له موسى- عليه السلام- وتارة يرهبها بما قد يحل بها من جراء اتباعها لموسى- عليه السلام- ولكنها كانت ثابتة على الحق ولم يزحزحها فرعون في دينها وإيمانها مقدار ذرة. سأل فرعون الناس عن رأيهم في مولاتهم آسية بنت مزاحم فأثنوا عليها كثيراً وقالوا أن لا مثيل لها في هذا العالم الواسع، وما أن أخبرهم بأنها اتبعت دين موسى- عليه السلام- حتى طلبوا منه بأن يقتلها فما كان عقابها من الفرعون إلا أن ربط يديها ورجليها بأربعة أوتاد وألقاها في الشمس، حيث الحر وأشعة الشمس الحارقة ووضعوا صخرة كبيرة على ظهرها . فمن كان يصدق بأن الملكة التي كانت تعيش في أجمل القصور بين الخدم والحشم هي الآن مربوطة بالأوتاد تحت أشعة الشمس الكاوية ، ومع ذلك فقد صبرت وتحملت الشقاء طمعاً بلقاء الله -عز وجل- والحصول على الجنة، وذلك لاعتقادها القوي بأن الله لا يضيع أ جر الصابرين. وقبل أن تزهق روحها الطاهرة وإحساسها بدنو أجلها دعت المولى عز وجل بأن يتقبلها في فسيح جناته وأن يبني لها بيتاً في الجنة. قال تعالى:" وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" التحريم آية رقم (11). فمن ملاحظتنا لآية السابقة فقد قدمت (عندك) على (في الجنة) ولهذا سر عظيم ألا وهو( أنها طلبت القرب من رحمة الله والبعد من عذاب أعدائه ثم بينت مكان القرب بقولهم: "في الجنة" أو أرادت ارتفاع الدرجة في الجنة وأن تكون جنتها من الجنان التي هي أقرب إلى العرش وهي جنات المأوى فعبرت عن القرب إلى العرش بقولها: "عندك".)] فما أعظمها من امرأة وكم يفتقر مجتمعنا لمثل هذه الشخصيات العظيمة الآن وما أحوجنا إليها. أجرها وثوابها وفضلها : كان لآسية ما تمنت فقد بني لها عنده بيتاً في الجنة،( واستحقت أن يضعها الرسول- صلى الله عليه وسلم- مع النساء اللاتي كملن، وذلك عندما قال: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام") (وروي عن ابن عباس قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطوط أربع في الأرض وقال أتدرون ما هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم فقال- صلى الله عليه وسلم- أفضل نساء الجنة أربع- خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون)] كما روي أنها ومريم بنت عمران ستكونان من أزواج الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الجنة. فنسأل الله عز وجل بأن يتقبلنا جميعا في فسيح جناته وأن يمنحنا فرصة الشهادة مثل هذه الشخصية العظيمة وغيرها الكثير ممن قرأنا عنهم أو حتى سمعنا عنهم.
المصادر والمراجع
1. ابن كثير، أبو الفداء: البداية والنهاية ومعه بداية النهاية في الفتن والملاحم، ج 1. 2. محمد حسين الأعلمي الحائري: تراجم أعلام النساء، ج1، ط1، بيروت/ لبنان، 1987-
مقدمــــــــــــــــــــــــــــة
الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله خير خلق الله وأحبهم إلى عباد الله.. وأصحابه الذين حباه، ومن سار على نهجه وهداه. وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد فإن هذا البحث يتناول جوانب من حياة بلقيس ملكة سبأ، التي كانت تعد سيدة نساء عصرها، وحكيمة حكماء زمانها في ضغط هنا].
وتستمد قصة الملكة بلقيس أهميتها من ذكر قصتها في الكتاب الحكيم مع النبي سليمان – عليه السلام - في سورة النمل، مما أكسبها شهرة لم تكن للكثير من من قبلها أو من بعدها، وضمنت بأن يبقى ذكرها خالداً عبر العصور، وعلى مر الدهور؛ وذلك لأن القرآن باقٍ وخالدٌ إلى آخر الزمان كما قال الحق – جل وعلا -: " إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون". وقد قُسّم هذا البحث إلى أقسام ثلاثة: الأول- نسب بلقيس و حكمها: ويتناول هذا القسم نبذة عن حياة بلقيس وعن حكمها لمملكة سبأ. والمعلومات في هذا الجزء من البحث وردت في المصادر ملخصة ومتشابهة إلى حدٍ ما. والثاني- قصة بلقيس في القرآن: ويتناول هذا القسم قصة الملكة بلقيس مع النبي سليمان – عليه السلام - في سورة النمل. والثالث- قراءةٌ في شخصية الملكة وهذا القسم ينظر عن كثب في شخصية بلقيس بعيداً عن التلفيق و التنميق، أو الافتراء والتزويق. وفي النهاية فإن هذا البحث لا يعد سوى قطرةٍ في بحرٍ غير مسبور الأغوار، ورحلة ا لمسافر متعب من كثرة الأسفار، وزهرة في بستان مليء بالأزهار .هذا والله أعلم بالسرائر. نسبهــــا: تنسب الملكة بلقيس إلى الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر ، و هناك اختلاف كبير بين المراجع التاريخية في تحديد اسم ونسب هذه الملكة الحِمْيَرية اليمانية، كما أنه لا يوجد تأريخ لسنة ولادتها ووفاتها.
حُكمهــــــــــا: كانت بلقيس سليلة حسبٍ و نسب، فأبوها كان ملكاً، و قد ورثت الملك بولاية منه؛ لأنه على ما يبدو لم يرزق بأبناء بنين. لكن أشراف وعلية قومها استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء و الاستياء، فكيف تتولى زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة أليس منهم رجلٌ رشيد؟ و كان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج حدود مملكتها، فقد أثار الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ، ومنهم الملك "عمرو بن أبرهة" الملقب بذي الأذعار. فحشر ذو الأذعار جنده و توجه ناحية مملكة سبأ للاستيلاء عليها و على ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار. و عادت بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت عليه ذات يوم في قصره و ظلت تسقيه بيت وهو ظانٌ أنها تسامره وعندما بلغ بيت منه مبلغه، استلت سكيناً و ذبحته بهاا. إلا أن رواياتٍ أخرى تشير إلى أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها بغية الانتقام منه، وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولى. وهذه الحادثة هي دليلٌ جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده. وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد أيمّا استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما حاربت بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة. ومما أذاع صيتها و حببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله[. وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً لحكمها.
قصة بلقيس في القرآن ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمَرد من قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود - عليه السلام - في سورة النمل. وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، و كانوا يتقربون إليها بالقرابين، و يسجدون لها من دون الله، و هذا ما لفت انتباه الهدهد الذي كان قد بعثه سليمان - عليه السلام- ليبحث عن موردٍ للماء. و بعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت بعذرٍ مقبول عاد الهدهد و عذره معه “أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ بنبأ يقين” فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم إلا أنهم” يسجدون للشمس من دون الله “]. فما كان من سليمان –عليه السلام- المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن يتحرّى صدق كلام الهدهد، فقال: " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" وأرسل إلى بلقيس ملكة سبأ بكتابٍ يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة والإذعان، وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه، ونصه"إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين" كانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابط للتسجيل اضغط هنا]. ولما عُرف عن بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، و شاورتهم في أمر هذا الكتاب. في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل الممالك الأخرى تخشاها، و تحسب لها ألف حساب. فكان رأي وزرائها “ نحن أولوا قوةٍ و أولوا بأس شديدٍ “ في إشارةٍ منهم إلى اللجوء للحرب والقوة. إلا أن بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم، فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة أن “ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون”. وبصرت بما لم يبصروا ورأت أن ترسل إلى سليمان بهديةٍ مع علية قومها وقلائهم، عله يلين أو يغير رأيه، منتظرةٌ بما يرجع المرسلون. ولكن سليمان –عليه السلام- رد عليهم برد قوي منكر صنيعهم ومتوعد إياهم بالوعيد الشديد قائلاً: “أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتكم، بل أنتم بهديتكم تفرحون”]. عندها أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه، وأنه لا ريب نبي من عند الله –عز وجل-، فجمعت حرسها وجنودها واتجهت إلى الشام حيث سليمان –عليه السلام-. وكان عرش بلقيس وهي في طريقها إلى سليمان –عليه السلام- مستقراً عنده، فقد أمر جنوده بأن يجلبوا له عرشها، فأتاه به رجلٌ عنده علم الكتاب قبل أن يرتد إليه طرفه. ومن ثم غّير لها معالم عرشها، ليعلم أهي بالذكاء و الفطنة بما يليق بمقامها و ملكها ومشت بلقيس على الصرح الممرد من قوارير والذي كان ممتداً على عرشها، إلا أنها حسبته لجةً فكشفت عن ساقيها وكانت مخطئة بذلك عندها عرفت أنها وقومها كانوا ظالمين لأنفسهم بعبادتهم لغير الله –تعالى- وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين. وتقول المراجع التاريخية أن سليمان –عليه السلام- تزوج من بلقيس، وأنه كان يزورها في سبأ بين الحين والآخر. وأقامت معه سبع سنين وأشهراً، و توفيت فدفنها في تدمر.وتعلل المراجع سبب وفاة بلقيس أنها بسبب وفاة ابنها رَحْـبَم بن سليمان وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك و عليه كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان. وفتح التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك التابوت مكانه وبنى عليه الصخر
قراءةٌ في شخصية الملكة بلقيس · ذكر بلقيس في القرآن الكريم إن بلقيس لم تكن امرأة عادية، أو ملكة حكمت في زمن من الأزمان و مر ذكرها مرور الكرام شأن كثير من الملوك و الأمراء. و دليل ذلك ورود ذكرها في القرآن. فقد خلد القرآن الكريم بلقيس، و تعرض لها دون أن يمسّها بسوء ، و يكفيها شرفاً أن ورد ذكرها في كتابٍ منزلٍ من لدن حكيم عليم، وهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، ولم و لن يعتريه أي تحريف أو تبديل على مر الزمان، لأن رب العزة –جل و علا- تكفل بحفظه وصونه “إنا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون"للتسجيل اضغط هنا]. فذِكر بلقيس في آخر الكتب السماوية و أعظمها و أخلدها هو تقدير للمرأة في كل زمان و مكان، هذه المرأة التي استضعفتها الشعوب والأجناس البشرية وحرمتها من حقوقها، وأنصفها الإسلام و كرمها أعظم تكريم. و هذا في مجمله وتفصيله يصب في منبع واحد، ألا وهو أن الملكة بلقيس كان لها شأنٌ عظيم جعل قصتها مع النبي سليمان –عليه السلام- تذكر في القرآن الكريم .
· رجاحة عقل بلقيس، و بليغ حكمتها، و حسن مشاورتها إن الملكة بلقيس ما كان لها هذا الشأن العظيم لولا اتصافها برجاحة العقل و سعة الحكمة و غزارة الفهم. فحسن التفكير و حزم التدبير أسعفاها في كثيرٍ من المواقف الصعيبة والمحن الشديدة التي تعرضت لها هي ومملكتها؛ و منها قصتها مع الملك ذي الأذعار الذي كان يضمر الشر لها و لمملكتها، ولكن دهاءها وحنكتها خلصاها من براثن ذي الأذعار و خلص قومها من فساده و طغيانه و جبروته. كما أنها عرفت بحسن المشاورة إلى جانب البراعة في المناورة، فهي لم تكن كبقية الملوك متسلطة في أحكامها، متزمتة لآرائها، لا تقبل النقاش أو المجادلة، بل كانت كما أجرى الله على لسانها “ قالت أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون}[، و ذلك على الرغم من أنه كان بمقدورها أن تكتفي برأيها و هي الملكة العظيمة صاحبة الملك المهيب . فهي ببصيرتها النيّرة كانت ترى أبعد من مصلحة الفرد، فهّمها كان فيما يحقق مصلحة ال | |
|